الأحد، 20 يوليو 2014

وشوشة الجميزة في ليل ديسمبر



(1)
العاشرة إلا ربع مساءً... أصبحت الحادية عشرة والربع تقريباً... أهذي في كتابتي... صديقتي التائهة بتحكي لي عن اكتئابها الآسر وعثرتها المؤلمة، وكل ده مفيش منه قلق حقيقي، لأني عارف إن وحدتها خلف البحار في مواجهة أزمتها هي مشكلتها الأولى... ومفيش في إيدي غير إني أنصت لها، وأدعي بإخلاص.

(2)

الثانية صباحاً...

بافكر أعرض نفسي للتبني -جزئياً- أثناء إقامتي في القاهرة، خصوصاً إني طفل كبير مُسلي ومُطيع ومُرتب ومابعملش دوشة، وباعرف أطبخ كويس جداً في وقت فراغي، وبشكل عام أي أب وأم يتمنوا كائن حوزوي مكلبظ في بيتهم.

ده غير إن أنا جعان جداً، لسة مخلص فاينال بريزينتيشن لمشروع الترجمة من ساعة، وعايز أبدأ أكتب المقالة اللي هاسلمها لدكتورة الأدب البريطاني بكرة (ومفيش بيني وبين الست دي أي عمار) وأجهز للبريزينتيشن بتاعة بحث كورس الكتابة التحليلية... ليلة طويلة وبعدها يوم أطول... وكرشي الكبير مش هايسيبني في حالي النهاردة....

دكتورة الكتابة الإبداعية طلبت مني أكتب قصيدة حرة باتخيل فيها محمود درويش وهو بيقرأ... وقصيدة "درس من كاما سوطرا" عمالة تلعب في دماغي.... بسبع وسائد محشوة بالسحاب الخفيف... انتظرها! والجبال تطير في الهواء زي كوكب بندورا، والسما صافية مفيهاش ولا سحابة...

وأنام، فيدخل أبطال المسرحية اللي باترجمها، وينوروا النور ويدبدوا برجليهم على خشبة المسرح، ويزرعوا شجرة كبيرة في وسط دماغي الصغيرة... والشجرة تكبر بسرعة مدهشة وفروعها تخترق السقف وورقها المنمنم بينور الأركان المعتمة اللي فوق...

ولسبب غامض باحلم بالتلج، وإن الشجرة الصغيرة البشعة اللي تحت بلكونة أوضتي في فارسكور بقت شجرة جميز كبيرة أطول من البيت نفسه... وإن الأرض مرصوفة اسفنج والناس كلها بتتنطط في الشارع...

وأصحى من الحلم جوة الحلم، الشجرة بتغير جلدها، وعطر خشبي محير مالي الجو، عطر مدهش ريحته شبه اللمون والقرفة والمستكة والعيش السخن والكمون المحمص.... وزحليقة كبيرة مصنوعة من لحاء الشجرة بتوصل بلكونتي بالشارع... وابن عمي الصغير بيغني في البلكونة وبيطير لبيت الجيران....

وشهرزاد كورساكوف طالعة زي الحلم من قلب الشجرة، وأنا سكران م البرد ومن العطر اللي مسيطر ع الجو...
احساس مُريح، راحة آسرة شبه الطمأنينة في حضن بابا وشبه وقوف الزمن والدوبان في حضن ماما...

وعشان أحضانهم أكمل من الأحلام وأجمل منها، الإحساس ده ما بيكملش.. وأرجع أفوق، أحسس على السرير أدور على النظارة، أعد من واحد لخمسين في خيالي، وأحبس نفَسِـي ست سبع ثواني.... كده اتأكدت إني صاحي، وإني لازم أقوم. وأقوم. أرتب السرير، وبرد البلاط يلسعني. في الحقيقة ده مجرد وهم...

(3)
أقعد قدام اللابتوب، لسبب ما شبح هارد هاتفيلد مسيطر على صوابعي، مجرد ما أمدها على لوحة المفاتيح أفتكره في دور دوريان جراي، نظرته الحالمة ونص الابتسامة البريئة المرسومة على وشه، وأد إيه أنا مفتون بعزفه على البيانو... ولسبب أكتر غموضاً، نظرة عينيه المحيرة بتفكرني بنظرة حسين في الباب المفتوح... عشرين سنة فرق، وشخصيتين مختلفتين تماماً، وأشباح كتيرة ودلالات متباينة وأجندات سياسية وأحلام وأوهام وبلاوي متلتلة على دماغي، كلها بتتقابل في دماغي، وبتعمل دوشة في أكتر وقت انا محتاج فيه تركيز... وبلاوي أكتر جاية في السكة لو مبدأتش أكتب اللي الدكتورة عايزة تقراه بكرة الصبح...

(4)
وأسمع مزيكا شبه الحلم قبل ما أنام... وأسرح:



الاثنين، 14 يوليو 2014

هاتعمل إيه يا ولد












وهاتعمل إيه يا ولد
في قلبك المقبوض
وقطعة الكهربا
والناموس اللي بيلسع من فوق الغطا
والعتمة
والوجع

ليل الصيف المخطوف
وحر الليل غلب حر النهار
وتقاسيم ع الكمنجة مكتومة في صدرك
والعتمة أتقل م النور في قلبك
والدوشة في الشارع رغم العتمة طالعة
ونسمة طراوة على استحياء
وحيرة
ونفحة منتظرة من الفجرية
وغجرية مسحورة بتستناها
والنوتة سلالمها مكسورة

والحيرة
والعتمة
والوجع
وريشة المروحة الساكتة
وصوابعك المشلولة عن الكتابة
وأفكارك الشاردة
والصبر
وأستاذك الطيب
وواو العطف
بتلضم تفاصيل المسا
في عُقد في خيالك
نقطة من وجع روحك
متدوبة في بحر أبيض
من الياسمين

دم المحابر
محبوس تحت طبقات الأسى
متحاصر بالمخاوف
مخلوط بالدموع
ودخان الشموع
وأحلام الورق
وقلبك المقبوض
ينتفض
ينصعق بالحزن
ينتفض
يدوق طعم الهلع
ينتفض
كل شيء في بحر الياسمين أبيض
قلبك المقبوض
يسكن
يدوق النور
ينتبه على لسعة ناموسة
يكتشف سكون آخر ساعات الليل
ويتوه في حيرته
ويكتب كلام
مفكفك زي حلمه


وهو صغير كان بيحلم بالسما
نجومها قريبة
مش ناقصه غير إنه بس شوية يكبر
ويلمسها
ويعرف طعمها
لكنها
طلعت أكبر.