الخميس، 24 أبريل 2014

من أخبار ما شهدته شجرة المانجا في الصيف الماضي

               



كان النسيم عليلاً، رغم الساعة الثانية ظهراً وموجة الحر المبكرة، وكان غناء العصافير شهياً واستدارات ثمار المانجا الخضراء الصغيرة مغرية بالأمل في الحياة... وكنت أجلس هناك تحت شجرة المانجا، مواجهاً أميرتي البيضاء... أحاول بجهد كبير أن أستجمع شتات أفكاري وشجاعتي وجرأتي... أحاول تعطيل كل منبهات الأخطار بداخلي، أتجاهل صوت العقل، أعزف كل الموسيقى الملحمية في ذهني، ثم أعزف كل مقطوعة مسالمة في اللحظة التي تليها، يدور الكلام منغماً في ذهني لكنه لا يخرج أبداً للنور.. وأعرف أنني أمضي إلى ما لست أعرف...


أجلس بجوارها، أدرك أن على وجهي ابتسامة غريبة، تتراوح بين الخجل ونشوة السعادة... صامتاً، أحاول أن أنطق ولا أستطيع.. أحرك شفتي بغير صوت، أنظر في عينيها أتأملها، أحاول أن أتأكد للمرة الألف ألف أنني لن أُميلَ قلبي إلى فراغ... أبتسم وألعب الموسيقى في عقلي، أصوات جوقة من الاطفال تهدهد روحي.... قلبي مرتبك، أعصاب ساقي اليسرى تتحرك بغير إرادتي، يدي ترتعش خفية... ترتسم الحروف مرة أخرى ولا تبين لها...


وكانت أميرتي جميلة، ربما أكثر جمالاً من كل مرة مضت.... وكنت أعلم أنها تتوقغ اعترافاً من نوع ما، كنت أعرف أنها تحدثت إلى صديقنا المشترك بشأن ذلك المجهول الذي دعاها إلى الغداء، لكن لم أعلم أنها تستبعد أن يميل إليها لأنه (أكثر روعة؟) مما تستحق هي! – بينما هي لا تعلم أنني أراها الأكثر روعة، والأطيب روحاً والأنقى.. الأنقى مما أنا عليه... 


ثم أُخبرها.... أُخبرها ان "حكايتنا" تحتاج مدداً عظيماً من الشجاعة لتُروى... أُخبرها أن الحبَّ يقشِرُني كالبرتقالة؛ يفتحُ في الليل صدري، ويتركُ فيهِ: نبيذاً وقمحاً وقنديلَ زيتْ. أُخبرها أن قلبي تعب من التقلُّبِ: يبحث عن قلبٍ يؤمن به يستند إليه... وأن غاية سعادته في سُكناهما، لكنه يخشى أن يميل إلى فراغٍ مرةً أخرى فينكسر... وأُخبرها أنها إذا ما أمالت قلبها قليلاً نحو قلبي لربما سكن القلبان وأنبتا برعماً جديداً يُزهِرُ بصفاء الحياة... ولا أُخبرها أنَّ حنيني يكوي أضلُعي، لا أُخبرها كم أشتاق... أتلعثم حينَ أنظرُ إلى عينيها مرة أخرى.. وتغمرني روحُ طفولةٍ آسرة... لا أقولُ من ذلك كله حرفاً واحداً... أبني كلماتي وأهدِمُها مرة تلو الأخرى.. ولا أدري ما الذي تخشاه.. أتساءل أين المعنى وأين الحقيقة.. أميرتي البيضاء المشرقة: أين السبيل إلى عينيكِ؟... تماسكي قليلاً ولا تكُوني عصفورةً هاربة!